السر الغامض
انت في الصفحة 1 من صفحتين
جلس الصغار حول شيخهم ينتظرون بفارغ الصبر سماع قصة جديدة مفيدة، رحب الشيخ مشهور بتلاميذه وابتسم في وجوههم ، نظر الي حسان فوجده حزيناً كئيباً سأله بتعجب : ماذا جري لك يا حسان ؟ اراك حزيناً هذا اليوم ! تنهد حسان وقال : وصلتنا اخبار غير جيدة من فلسطين، قال وائل : وهل لك اهل في فلسطين ؟ قال حسان وقد ظهرت عليه علامات التأثر : نعم يا اخي ، لي اعمام واخوال، قال احمد : وهل أصيب احد من اقاربك هناك يا حسان ؟ هز حسان رأسه قائلاً : هدم اليهود منزل عمي عمران واعتقلوه مع ابنائه الثلاثة . شعر الجميع بحزن لهذه المصېبة ، قال الشيخ مشهور : لا تحزن يا بني، انهم مرابطون مأجورون ان شاء الله، نظر الشيخ الي تلاميذة وقال : هل تعرفون معني الرباط ؟ قال سعد : انا اعرف يا شيخ، انه ملازمة المكان للحراسة والمدافعة والثبات فيه لرد الاعداء عن ديار المسلمين، تهلل وجه الشيخ وقال : احسنت يا سعد واهلنا في فلسطين في رباط دائم لأنهم صامدون في مواجهة اليهود ولذلك سميت فلسطين أرض الرباط .
تنهد الشيخ وقال : حسناً، ان اقارب حسان وقعوا الآن في الاسر فما هو واجبنا نحوهم، صاح احمد : ندعو لهم .. قال الشيخ : نعم والدعاء سلاح عظيم قد يفعل ما لا تفعله الاسلحة الاخري، قال همام بدهشة : وكيف يكون ذلك يا شيخنا ؟ رد الشيخ : ستعرفون ذلك من خلال القصة التي سأرويها لكم، انصت الجميع لسماع القصة ..
قال الشيخ : في قديم الزمان حصلت معركة بين المسلمين والروم في الأندلس وفي تلك المعركة وقع بعض المسلمين المرابطين في الأسر، وكان احدهم يدعي محمداً وكان وحيداً لوالديه الكبيرين، حزن والداه عليه حزناً شديداً وذهبا الي الحاكم ليطلبا منه ارسال مال للكفار لفداء ابنهما الأسير وإطلاقه، ولكن الحاكم اعتذر لهما لعدم وجود المال الكافي لفداء جميع اسرى المسلمين، فقال احمد : اعانهما الله كيف سيعيشان بدونه ؟! قال الشيخ : ان الله رحيم بعباده يا بني، فعندما رجعا الي منزلهما حزينين يبكيان رآهما رجل فسألهما عن حالهما فأخبراه فأشفق عليهما ودلهما علي عالم جليل يدعي بقي بن مخلد رحمة الله، وكان هذا العالم من خيرة علماء الاندلس وله كتب كثيرة في التفسير والحديث، المهم انهما ذهبا الي دار هذا العالم ليخبراه بقصة ابنهما .
وعندما وصلا الي العالم ذكرا له ما وقع لابنهما فتألم لحالهما وأشفق عليهما ثم طلب منهما ان يكثرا من الدعاء له، خاصة بعد العصر الي الغروب فإنه من اوقات اجابة الدعاء، وكان العالم بقي بن مخلد معروفاً بأنه مجاب الدعاء ولذلك جعل يدعو له في مثل هذا الوقت وكذلك دعت له امه وابوه وفي هذا الوقت نفسه كان محمداً مقيداً بالسلاسل لدي الصليبيين وكان ينقل لهم الحجارة الثقيلة بناء الحصون وبينما هو كذلك والحراس من حوله يراقبون اذ سقطت القيود من يديه .