قصه الرجل الفضولي
عرفت في سن العاشرة أنني فضولي جدا ولدرجة تقترب كثيرا من الوقاحة كنت أدخل على أبي وأمي يتكلمان فلا يقطعان المحادثة لكني أسمع كلمات مثل هذا المړض العضال الطبيب يائس إنها النهاية أو كلمات مثل بيع البيت ورطة مادية إفلاس فأتوقف وأسأل في توتر
هل هناك مشكلة
فيقول أبي في أسف وحزن لسوء تربيتي
أنت فضولي جدا ما دمت لست طرفا في المحادثة فلا تتدخل
في المدرسة كنت أقف مع صديقين نمزح ثم يميل واحد منهما على مسمع الآخر ويقول له كلمات لا أسمعها لكن النتيجة هي أنهما ينفجران في الضحك وهما ينظران لي ويتظاهران بأنهما لا يفعلان ذلك ثم يميل الثاني على أذن الأول ويقول له بهمس مسموع
هنا أسأل في فضول وقح مزعج عن أي شيء يتكلمان فيبدو عليهما الضيق والحرج ويقولان لي
أنت فضولي جدا لو كان الموضوع يهمك لأشركناك في المحادثة
هكذا تعلمت في سن مبكرة جدا أنني شديد الفضول ومزعج ويعلم الله كم كافحت لأقضي على هذه العادة السيئة لكن الأمور كانت أقوى مني أحيانا مثلا عندما يعلق صبي في الصف ورقة على ظهر قميصك وتجد أن المدرسة كلها تضحك عندما تمر أمامها فإنك تحاول أن تعرف ما هو المكتوب على هذه الورقة لكن الجميع يخبرونك أنك فضولي ولا يجب أن تقرأ ورقة لا تخصك.
في سن الخامسة عشرة نجحت في القضاء على فضولي الكريه تماما ولم أعد أهتم بشيء.
عرفت أنني نجحت عندما كنت أمشي في الشارع ذات مرة لأجد شابا ېصفع فتاة بقوة ظل يصفعها بلا توقف وهو يكرر
لا بد أن أعرف من هو!
أنت مچنون!
لم يكن هناك أحد في الشارع لكني قررت أن أبتعد
هذه مشكلة عاطفية أو أسرية فمن سوء الخلق أن أتدخل أنا لم أعد فضوليا لو دعاني أحدهما للحوار لقبلت طبعا.
في مرة أخرى مررت بجوار رجلين يجلسان على سور حديقة وكانا يتهامسان بذلك الصوت العالي المميز لهمس أبناء البحر المتوسط كان أحدهما ضخما مشعرا له يدان عملاقتان وكان يقول لصاحبه
كان الأمر يثير الفضول فعلا لكني لم أعد فضوليا لقد تلقيت مئات الضربات في صباي حتى صرت بالفعل لا أريد التدخل في أي شيء فقط لو دعاني هذان لأخذ رأيي لجلست أستمع في أدب.
عندما ذهبت للعمل اليوم رأيت أشياء غريبة أشياء أقل ما يقال عنها إنها تحرك الفضول هناك رجل يقف بثيابه الداخلية على حافة نافذة الطابق الثالث هناك سيارة إطفاء ونيران تندلع من الطابق الثاني هناك خبير مفرقعات يزحف على بطنه ويحاول تعطيل عبوة ناسفة على الإفريز هناك رجل ملتح يلبس جلبابا أزرق ويحمل عصا وېصرخ بالألمانية في مجموعة من المارة هناك كلب بثلاثة رؤوس يطارد صبيا بلا قدمين الصبي يركض زحفا على يديه هناك طاقم تصوير سينمائي ومخرج يصدر التعليمات لممثل حركات خطړة يركب دراجة ڼارية مشټعلة.
ماذا استجد في الموقف
سألته في حيرة
هل يوجد موقف
نظر لي في غيظ ثم قال
أحيانا أشعر بأنك لا تنتمي لهذا العالم ما ينقصك هو بعض المشاركة الإيجابية الاهتمام
هنا وجدت عيني تنزلق إلى الملف الذي يحمله وحاولت بحركة لا شعورية قراءة المكتوب عليه فصاح المدير مغتاظا
بالإضافة لكل عيوبك أنت فضولي فضولي إلى درجة تثير أعصابي وهذا يدل على قلة نضج لا شك فيها!
د. أحمد خالد توفيق .
مقال أنت فضولي.