روايه صرخه على الطريق (من الجزء الأول إلى الاخير كامله) بقلم دفنه عمر
مفيش داعي تيجي لحد ما اطلبك
أغلق دون أن يعطي لدهشتها فرصة الثرثرة لينتقل لرقم أخر مكتفيا برسالة نصية بذات المعني أشرف المكتب هيتقفل كام يوم وهقفل تليفوني واتواصل معاك بعدين محتاج أكون لوحدي شوية
وأرسل أخري لسارة وأدم ثم أغلق هاتفه ليستوعب ويفكر كيف ستمضي حياته بعد ما علمه
فوجيء عند استيقاظه برسالته الغريبة لإغلاق المكتب مؤقتا وتوصيته بمتابعة القضايا بالنيابة عنه والأكثر غرابة هاتفه المغلق ماذا حدث مع رفيقه يا تري لم يتردد بالاتصال علي من سيحل طلاسم تلك الرسالة
ألقي تحيته ليأتيه صوت الجد متلهفا بسؤال فاقم قلقه أضعافا جسار عامل ايه يا أشرف كويس هو معاك
غمغم الأخير بدهشة لأ مش معايا هو حصل حاجة ياعمي ده أنا قلت زمانه فرحان وهايص بوصول باباه ومامته ورائف بالسلامة ومش هيفتكرني لكن لقيته باعتلي رسالة غريبة انه هيقفل المكتب وبيكلفني بمتابعة القضايا بالنيابة
نكس الجد رأسه بحزن تخلل ثنايا وجهه وغمغم جسار محتاجلك يا أشرف أوعي تسيبه
طب فهمني ياعمي حصل ايه وبعدين أكون معاه ازاي وهو حتي تليفونه قفله ومش عارف اوصله
ترددت في صدره المتعب تنهيدة حاړقة وهو يهتف
مسيرك هتوصله يا ابني عشان كده بوصيك عليه قوله اني مستنيه يرجع مهما غيابه طال
فقال رغم اني مش فاهم حاجة لكن اوعدك ياعمي اني مش هسيبه بس هو يظهر واعرف مكانه
أكيد هايجيلك هو مالوش صاحب غيرك ويمكن الأفضل يختلي بنفسه شوية لحد ما يهدي
يختلي بنفسه طب فهمني ياعمي
خليه هو اللي
يفهمك افضل وبوصيك تاني تطمني لما تكلمه
حاضر أوعدك
أغلق معه دون أن يصل لسبب ما يحدث مازال هاتف جسار مغلق أين يبدأ البحث عنه أم الأفضل أعطائه فرصة للاختفاء قليلا فربما يحتاج تلك الخلوة زفر بقوة والخۏف يقتات على قلبه مرددا داخله دعاء أن يفك كرب صديقه ويعيده سالما
بقلم ډفنا عمر
الفصل الخامس
سمع رنين الباب فتجاهله محافظا علي سكونه البائس أرضا وبإلحاح الطرق اضطر لتفقد الطارق وصرفه بعد أن ظنها سكرتيرته التي أتت ولم تقرأ رسالته
أشرع الباب دون الالتفات لهيئته المزرية ليجد عين أخر شخص توقع رؤيته تحملق فيه بريبة وتتجول بأذرار قميصه المحلولة وشعره المشعث ووجه الناعس وعيناه المنتفخة من أثر النوم
قالها جسار بفظاظة لتجيبه شمس بدهشة أنا جاية لسارة حسب اتفاقي معاها انها هتكون في المكتب بدري و
لمحة من ماضية الفاسق جالت بعقلها وهي تسترجع صولاته وجولاته بساحات النساء لتندفع دون مقدمات وهي تدفعه بعيدا عابرة داخل المكان تتفقده متحفزة لأي دليل يؤكد ظنها السوء به كأنها زوجته وظبطته بفعل مشين
اعتراها خجل شديد وتمتمت أسفة افتكرت ان
إن ايه وفرضا ظنك ده صحيح انتي مالك بيا تنبشي ورايا بتاع ايه
قابلت ثورته بحدة مبررة بيك انت ماليش أي علاقة لكن لما تبقي بنت عمي شغالة هنا يبقي مالي ونص لأن لو كنت لقيت حد هنا كنت هخليها تسيب مكتبك فورا فهمت
رمقها لبرهة بتمعن قبل ان يقول فهمت
ثم
أشار بذراعه نحو الباب آمرا إياها ببرود دلوقت اتفضلي لأن وجودك هنا دلوقت هو الفعل المشين لأن محدش جاي المكتب انهاردة ولو انا زي ما بتظني فيا أكيد دي فرصة مايفوتهاش عابث زيي
رمقته بحيرة وسارت مبتعدة بخطوتين ثم قالت وهي تقف في موازاته تماما يعني لو صاحبتي نشوى حبت تيجي عشان قضيتها اقولها أنك !
مش شغال
قاطعها بقوله فتسائلت يدفعها تعاطف غريب بعد أن استنبضته من بؤس لهيئته طيب وبكره
لوهلة لمحت سحابة ضياع اغتالت حدقتيه وهو يغمغم بخفوت ولا بكره هيتابع قضيتها أشرف
وأنت هتكون فين
همهم ومازالت عيناه شاخصة أمامه كأنه فقد الإحساس بوجودها ياريت اعرف
تعاظم شعورها بالشفقة عليه وهمست أنت عندك مشكلة حاد نحوها ونظر لها بشرود طال حتى ارتبكت وهي تهتف تتخطاه لتغادر على كل حال أسفة لإزعاجك عن إذنك
أغلق خلفها وتوجه مشرعا نافذته فوجدها تتوجه لسيارتها وكما توقع رفعت رأسها إزاء نافذته ليتوحد مسار أحداقهما وكلا منهما يحدج في الأخر دون أرادة هو بشرود ممزوج ببؤس واضح وهي بتعاطف لم تفهمه فضولها مشتعل داخلها لمعرفة ما طرأ عليه لكن لا تملك سلطة حتى لتسأل انتزعت نفسها من قيد نظرته واستقلت سيارته وابتعدت قاصدة من تظن أن بيدها حل غموضه
بتقولي ايه يا شمس روحتي المكتب لقيتي جسار وقافل على نفسه
طب ليه
صاحت سارة بقلق لتجيب الأخري معرفش أنا روحت حسب اتفاقنا أننا نفطر سوا ونتكلم عن قضية نشوي اتفاجأت بجسار بيفتح الباب وشكله غريب كأنه كان لسه صاحي من النوم بس لبسه متلخبط ووشه كئيب وكلامه غريب جدا المصېبة أني
إنك ايه
قاطعتها بترقب فقالت الأولى بصراحة شكله المنعكش شككني ان يكون في بنت معاه في المكتب لقيتني بندفع زي العاصفة وبفتش المكتب كله وانا بتوعد لو لقيت أي قذارة كنت هبهدله وامنعك بأي طريقة تشتغلي معاه بس
صمتت بخزي لتواصل طلعت ظالماه واتكسفت اوي من نفسي
هتفت پغضب ليه كده ياشمس أمتى هتصدقي انه شخص محترم ومش زي ما انتي فاكره أقسم بالله ما شوفت منه غير كل أدب وود بريء كأني فعلا أخته أكيد طبعا زعل واتعصب عليكي
بالعكس
قالتها بشخوص مستعيدة هيئته الهادئة الكئيبة وغمغمت كلمني بهدوء ونبهني اننا في المكتب لوحدنا وانه لو وحش يقدر يستغل الفرصة ويأذني عشان كده ضميري تاعبني من ناحيته
أنا لازم اروحله
قالتها سارة وهي تندفع لتستعد فعاقتها شمس هتروحي فين بقولك لوحده وشكله مايطمنش مستحيل تروحي دلوقت
يعني اسيبه في الحالة دي اللي انتي حكتيها جسار عنده مشكلة وانا لازم اكون معاه
بأي صفة
مايهمنيش التسمية حطي الصفة اللي تريحك المهم إني لازم اطمن عليه
قالتها هادرة بعناد وهي تواصل استعدادها للمغادرة ليقاطعهم طرقا علي باب غرفتها تبعه دخول أبيها قائلا صباح الخير يابنات
ردوا التحية وواصلت شمس ازيك ياعمو عامل ايه
بخير ياحبيبتي
ثم نظر لابنته
بغموض
وقال انتي قولتيلي عنوان مكتب المحامي اللي بتشتغلي معاه فين
حملقا فيه بذهول وتلجمت سارة عن قول شيء وقلبها يخفق پجنون أن يمنعها والدها عن العمل معه
وقفت أمام العم ترتجف داخلها لكنها لا تظهر غير اللامبالاة كأنها لم تتسبب بعاصفة ليلا جعلت جسار يغادر البيت بينما جاورها زوجها وهو يرمقها بنظرات حانقة لائمة وبالوقت ذاته يراقب أبيه وهو عاقدا كفيه أسفل ذقنه متجهم الوجه بشرود بعد أن استدعاهما لمكتبه تنهد ثم نقل بصره بينهما بجمود وقال بعد اللي حصل ونواياكم اللي اتكشفت أنا كمان أحب اصارحكم باللي كنت ناوي اعمله
تحفزت عين إلهام بنظرة ذات مغزي قابلها العجوز بتحدي وهو يغمغم مستهلا حديثه بقول مأثور
من حكم في ماله ما ظلم
عارفين معني الجملة دي ايه يعني كل واحد حر في ماله اللي كونه بشقاه وعرقه انا لو كتبت له كل مالي محدش فيكم يقدر يمنعني ولا تقدروا تمحوا حبه ومكانته في قلبي جسار حفيدي اللي كبر كل دقيقة قصاد عيني وكأنه من صلبي وأكتر جسار كان بار بيا أكتر منكم أنتوا كنتم فين عايشين في دولة تانية والسنة بتجر غيرها والعمر جري ومحدش فيكم قرر يتنازل عن
شغله وحياته اللي بناها في الغربة وأنا سكت وقلت أهو ربنا عوضني بجسار في حياتي وبعد كل ده جايين تدورا علي حقكم في أملاكي خلاص هو ده بس اللي بقي يجمعنا الفلوس الورث
عمي أنا
أوقفها بأشارة صارمة من كفه قلت محدش يقاطعني
لجمها تحذيره بينما ارتسم الخزي علي وجه توفيق وهو ينظر لأبيه كأنه لم ينتبه لجفاءه سوي الآن
ومع كده أنا عارف شرع ربنا كويس يا مرات ابني هكتب لكل واحد فيكم اللي يستحقه وأولكم جسار ثم لفظ كلمته وهو ينظر لهما بقوة حفيدي ولو مش عجبكم حكمي مافيش قصادكم غير طريق واحد تردعوني به
وصمت يرصدهما مليا قبل أن يستأنف حديثه
تحجروا عليا
رمقته إلهام پصدمة حقيقية بينما اتسعت عين توفيق بذهول حضرتك بتقول ايه
بقدملكم الحل اللي ممكن يوقفني لو مش موافقين علي حكملي احجروا عليا واقفوا قصاد القاضي وقولوا اني خرفت وكبرت وبدي مالي للغريب وافضحوني وقتها بس هتقدروا تمنعوني وتكسبوا ثروتي
هرول يجثوا على ركبتبه ثم لثم قدم والده وهو يبكي لا عشت ولا كنت يوم ما افكر مجرد تفكير اني اعمل كده فيك يا بابا كنوز الدنيا كلها ماتسواش رضاك عني ميراث ايه اللي يخليني اقف قصادك وامنعك من حقك في مالك أنا مش عايز حاجة غير انك ترضي عني وتسامحني اني اتلهيت في غربتي ونسيتك سامحني يا بابا ومتغضبش عليا ابوس رجلك أنا ممكن اموت فيها لو
ڠضبت عليا
ارتعشت كف ابيه وانهمرت دموعه وهو يجذب ابنه ليعانقه بأقصي ما استطاع من قوة وهو يقول بانفعال باكي لو أخدت كل مالي ومهما عملت مقدرش اغضب عليك يا ابني ده انت اللي طلعت بيه من الدنيا أنا بس مش عايز بعد العمر ده كله أظلم اليتيم اللي ربيته وفي نفس الوقت مش هاجي علي حد فيكم
ولو جيت يا بابا مش هعترض
ثم رمق زوجته بقسۏة ولا حد تاني يقدر يعترض
ربت علي رأسه بحنان ربنا يبارك فيك يا توفيق رغم زعلي من بعادك في الغربة بس موقفك دلوقت خلاني أتأكد إنك ابن أصول ومانسيتش تربيتي واللي غرسته فيك
عمي ممكن تسمعني لو سمحت
قالتها برجاء لكن لم يبدو علي الجد ترحيبا لها وهو يعزف عنها فنهض توفيق قائلا بحسم اطلعي علي أوضتنا يا إلهام وأنا هحصلك
بس أنا عايزة
قال صارخا بقولك اطلعي أوضتنا وأنا هحصلك وكفاية اللي قولتيه وعملتيه
بحثت بعيناه عن فرصة لتجادل كي تفيض بما تريد فأوقفها نظرته الرادعة مع عزوف وجه الجد عنها فسلمت لأمره مبتعدة تجر أذيال خيبتها بعد أن حصدت غضبهما معا
عاد ينظر لأبيه وغمغم باستعطاف عشان خاطري يا بابا اغفر لمراتي اللي عملته أنت عارف ان اللي دفعها تتصرف بالتهور ده حبها لرائف هي خاڤت تساوي ابننا بجسار لكن أنا هفهمها ومش هسمحلها تدخل تاني ده وعد
قال بحزن مش قادر أنسى كسرة نفس جسار وصډمته والضياع اللي شوفته في عيونه قبل ما يسيبنا ويمشي وياعالم هايجي امتى متهيئلي مش هقدر اسامح إلهام غير لما جسار يرجعلي تاني وعيونه ترجع
ليها ضحكتها
أنا متأكد انه هيرجع زي ما حضرتك
متعلق بيه هو كمان بيحبك لأنك ربيته وفي مقام