روايه ميراث الندم (جميع الفصول كامله وحصريه)
الأكيد برأي شقيقته به ولكنه فضل الرد بسياسة معه كالعادة
انا بتكلم ع الأصول يا واد عمي وبرضك محدش عارف بكرة هيحصل ايه شوية شوية الدنيا هتصفى بس احنا نصبر شوية
نعم يا ماما بتجولي بجى كانوا بيضغطوا عليكي ليه سمعيني تاني
قالها وسبابته يحركها امامها بشكل دائري كي تتابع وقد توقفت الكلمات بحلقها تطالعه بتعجب بعد أن فاجأها برد فعله وهذا التهكم في نبرته حتى فاض به ليهدر بنفاذ صبر
انتفضت وللمرة الثانية اتجهت عينيها نحو باب الغرفة لتزيد من غضبه المكتوم وهو يجاهد لضبط النفس بعد ما القته بوجهه دون أكتراث لتتابع على عڈابه قائلة
طب انا مش عارفة اكمل صراحة اروح انده على امي
أجعدي
هدر بها يوقفها قبل ان تتحرك وقد نهضت عن مقعدها كالملسوعة تبغي الهروب من هيئته المتوحشة أمامها ولكن ماذا بيده الان فقط اصبح يخشى على نفسه من ذبحة صدرية بسببها
بلاش خوف مني انا واد عمك ومش هاكلك يعني
اضطرت مذعنة لطلبه ان تعاود الجلوس ليستطرد كاظما غضبه المتصاعد داخله سائلا لها حتى يعيدها للحوار
الناس دي كانت بتضغط عليكي ازاي وكملي على طول عشان مضطرش ازعج فيكي تاني وانتي ما بتتحمليش
بدت كالطفلة المذنبة امامه لتبلتع رعبها منه قليلا وتجسر نفسها
بالحديث حتى تنتهي من هذا التحقيق
كانوا بيزنوا عليا عشان اوافج بسرعة ونجهز الاجرءات جبل العدة ما تخلص وكل ما كنت ارفض كانو دايما پيخوفوني بعم فايز انه ممكن يتخلص من ولدي عشان هو الوحيد المستفيد
يا ولاد ال
زمجر بها بصوت واضح أمامها ومخالب قاسېة نشبت بقلبه تحفر چروحا غائرة هذا أكبر من تحمله لقد رأى الطمع في عيون الجميع وتوقع اي شيء الا ان يتم قهرها بأكبر مخاوفها وهو حياة طفلها وبهذه السرعة وهو بعيدا عن حمايتها عاجز عن الزود عنها ليس أمامه الان سوى التصرف كمسؤل
ما هي مش مستاهلة
هي إيه اللي مش مستاهلة
اخفت ارتياعها تجاهد ألا تتأثر بهذه النبرة المتحفزة منه نحوها وملامح وجهه التي تزداد اظلاما كل دقيقة لتوضح شارحة
يعني انا كنت فاكراهم هيسكتوا لما يلاجوني رافضة بس اللي حصل هو العكس كان كل يوم بيزيدوا مع ان جولتلهم والله الاتنين خواتي سند ولا عيسى في واحدة تتجوز اخوها
طال صمته وهذا التحديق الذي يربكها حتى اعتلى ملامحها عدم الارتياح فكانت تتهرب بعينيها عنه حتى استشعر من نفسه حرجها ليخرج حمحمة خشنة يتبعها قوله
أومأت له بهز رأسها وقد بدا انها تأثرت بذكر زوجها الراحل لكن سرعان ما استفاقت على صوت صغيرها الذي دلف الغرفة بندائه
ماما
اشرق وجهها برؤيته تبصره يلج بصحبة والدتها التي كانت تخطو خلفه برعاية له تحمل الصنية التي وضع عليه كأسين من العصير همت أن تنهض لتحمله لكنه سبقها بأن خطڤ انتباه الطفل يشير بيده اليه قائلا
تعالى تعالي يا حلو انت
ضحكت جليلة لتسحبه معها نحوه حتى رفعه اليه ليحمله على ذراعه القوي ومشاعر صاخبة تتماوج داخله لا يعرف لها اسم ان كانت فرح او ابتهاج شديد
هذا الصغير الذي يحمل معظم صفاتها الشكلية يشعر برابطة نحوه غير مرئية
داعب وجنته الناعمة بسبابته ليسألها بمشاكسة
اسمك ايه ولا مبتعرفش تتكلم
تدخلت جليلة بالنيابة عنه
لا كيف هو معظم كلامه مش مفهوم بس بيعرف اسمه وكام كلمة تانية زي ما جال ماما من شوية جوله اسمك يا واد
توجهت بالاخيرة تخاطب الصغير الذي اذعن لطلبها يجيبه
محتز
محتز
ردد بها من خلفه ليطلق ضحكة رجولية صاخبة خرج صداها لخارج الغرفة حتى وصلت لعزيزة زوجة شقيقها الأكبر عزب والتي كانت تتابع عن قرب تنتظر خروجه وقد ازدادت تعجبا لهذه الزيارة المفاجأة بدون انذار بالإضافة لطول الجلسة والتي استمرت لفترة من الوقت بعد ذلك بحديثه الودي مع جليلة ومداعبة الطفل الذي اعتاد عليه سريعا حتى فعل ما كان يفعله مع والده قبل ذلك ليضع كفه الصغيرة داخل فتحت الجلباب في الأعلى وكأنه يبحث عن شيء ما انتبهت عليه والدته لتهتف به محذرة
واد يا معتز
التف لها الصغير ولكن غازي منعها عن التكملة مشجعا له
ملكش دعوة بيها يا واد كمل زي ما انت عايز
ذهلت جليلة وهذا الوجه الذي تقابله لأول مرة من كبيرهم لتتنقل بنظرها منه والى ابنتها التي تخضب وجهها بحمرة الانفعال الشديد تطلب منها العون بهمس كان يصل إليه كدغدغات محببة لأذنيه
يا مراري يا الكسوف خديه ياما الواد ده
اصبح يقهقه بالضحك دون مواربة مستمتعا بخجلها الشديد لفعل الطفل المشاكس والذي اخرج سلسلة المفاتيح وريموت السيارة يتلاعب بهما وكأنه وجد كنز ليزيد من سعادته بينهم لقد أتى منذ قليل بحال وسوف يخرج بعد ذلك بحال أخرى وقد أشبع عينيه من رؤيتها وهذه اللمحات القريبة عن شخصيتها
وفي الخارج وحينما يأست من خروجه العاجل كعادته في الزيارات الودية استلت هاتفها لتتصل بزوجها
بجولك بجالوا أكتر من ساعة جاعد جوه معاهم ما انا كنت هتصل بيك يا عزب بس امك جالتلي مفيش داعي هو اساسا جاي يطمن على البت وماشي لكن اها بجالوا كتير ومطلعش ويعني انا اش عارفني بيتكلموا على ايه لما تاجي انت اسأل امك واعرف منها سبب مجية غازي الدهشان بحاله عندكم
طب وبتزعج فيا ليه طب ماشي يا عزب اجفل من عندك
نهت المكالمة بعصبية وضيق نظرا لانفعال زوجها الدائم عليها بسبب وبدون سبب لكن سرعان ما تبدل مزاجها مع الضغط على الأسم الاخر قي قائمة السجل عندها في الهاتف
جاءها
الرد بعد فترة طويلة من الإلحاح باستجابة على مضض من الجهة الأخرى
الوو ايوة يا فتنة عاملة ايه يا غالية
بعد قليل وبداخل منزل الدهشان
هبطت فتنة بعد انتهاء المكالمة من طابقها الثاني بخطوات مسرعة نحو الجلسة المعتادة لجدتها الكبيرة فاطمة وحفيدتها امام التلفاز في مشاهدة لإحدى حلقات المسلسل الشهير لتجفلهما على صيحتها الغاضبة
من امتى غازي بيزور الناس في بيوتهم من غير اذن يا روح ها من امتى يا جدة
الټفتا اليها الاثنتان يطالعنها بدهشة وعدم فهم لفعلها لتزيد عليهم موضحة
اخوكي راح لبت هريدي في بيت ابوها اول ما وصلت عندهم طب عليهم حتى من غير ما يستأذن اخوها اللي كان في مشوار برا البيت ماله هو ومال مشاكل الست نادية واحدة جاية زمجانة من عند ناس جوزها
هدرت فيها فاطمة توقفها بحزمها
اسكتي يا بت وبطلي هلفيط بكلامك خبر ايه انتي بنفسك جاية تجولي عليها زمجانة ان ما كنش الكبير هو اللي يعس على واحدة أرملة وغلبانة زي دي ويشوف حجها هي وولدها اليتيم من هيعس
همت لتفتح فاهاها للجدال ولكن روح اوقفت الكلام بحلقها معقبة
المهم في دا كله بجى انتي سمعتي كل الحكاوي دي منين أكيد من صاحبتك مرة اخوها احسنلك تكفي ع الخبر مجور للكلام يوصل لغازي وساعتها صاحبتك هي اللي بيتها هينخرب عزب شديد يعني لا يمكن هيرضى لمرته نجل الكلام
استبد الغيظ بها حتى أصبحت تهتز لفرط انفعالها لتهتف بالاخيرة بعدم اكتراث
في ستين داهية هو انا اللي جولتلها تتصل وتبلعني لازم اتكلم مع غازي لازم يلم نفسه من أولها وميدخلهاش في حاجة للبت دي
خرج صوت فاطمة هذه المرة بحسم تفحمها
طب اعمليها يا فتنة بس بعدها ما تجيش تشتكي لما يروحك على بيت ابوكي جوزك ملوش في الاخد والرد يا بت دا بيجطع على طول وانتي حرة بعد كدة
يعني اموت بجهرتي
صړخت بها واقدامها تتحرك مغادرة من أمامهما تقطع الطريق بخطوات مسرعة نحو طابقها تسحب شياطينها معها
ظلت انظار روح متابعة لها تمصمص شفتيها باستياء معقبة
الله يهديكي يا فتنة انا مش فاهمة هي پتكره البنية ليه بس يعني كل ده عشان رفضت اخوها
وكان رد فاطمة زفرة ساخنة وصمت مهيب
في منتصف الليل
عاد اخيرا بمزاج رائق ليسقط بجسده الضخم على الاريكة التي اتكأ عليها بعد أن خلع عن قدميه حذائه يمسح بكفه على شعر رأسه المستريح للخلف وكأنه أصبح يرى العالم برؤية جديدة كانت غائبة عنه دنيا الجمال التي يستحق المرء ان يحيا بها دنيا ناعمة كانت غائبة عن خشونة اعتاد عليها
كلما اعاد برأسه ردود أفعالها وتعمد الهروب بأنظارها عنه اثناء حديثه مع والدتها والذي استمر لفترة من الوقت وكأنها فتاة في عمر المراهقة تخجل منه
يجزم بداخله بالتأكيد ان احتلالها لأحلامه طوال السنوات الماضية لم يكن هباءا
يعلم بالرهبة التي تتملكها في حضورهومع ذلك يراوده الأمل كثيرا أن يقل هذا الشعور مع اعتيادها عليه حتى وهذه المعضلات الكثيرة تقف عقبات امام ما يتمناه لكنه لن يمل المحاولة ولن يهدأ حتى تصبح في ظل جناحه وتحت رعايته
انتبه فجأة مجفلا لهذه العيون التي تحدق به في قلب الظلام الذي يغطي الغرفة ليعتدل على الفور بجذعه يشعل ضوء المصباح المجاور له متمتما
بسم الله الرحمن الرحيم مش تتحمحمي ولا تعملي اي حركة يا جزينة تخليني احس انك صاحية بدل من شغل العفاريت دا اللي يقطع الخلف
تحفزت بوقفتها لترد على قوله باستنكار
عفاريت! ليه ان شاء الله دا انا بياض لون بشرتي ينور في الضلمة انت بس اللي كنت سرحان
اومأ برأسه يوافق قولها
انا فعلا كنت سرحان عايزة ايه يا اللي بتنوري في الضلمة
تحركت لتجلس على الكرسي المقابل له لتجلس مرددة بلهجة يعلمها جيدا بحكم عشرته معها
وانا هعوز ايه يعني في الدنيا الليالي انا بس انشغلت عليك لما اتأخرت الساعة داخلة على اتنين كل ده كنت فين يا غازي
مال برأسه أمامها يرمقها بتفحص لكشف اغوارها بقوله
وانتي من امتى بتسألي حتى ولا تحسي برجعتي في الليالي ثم ايه اللي مسهرك لحد دلوك مش كل يوم بتبقى مخمودة في الوجت ده
اجفلها بفظاظته وهذا التهكم القوي منه لتعترض معبرة عن استيائها
خبر ايه